
ساناي تاكايشي: أول امرأة تتولى منصب رئاسة الحكومة في اليابان.
دخلت اليابان مرحلة تاريخية جديدة بعدما أصبحت ساناي تاكايشي أول امرأة تتولى منصب رئاسة الحكومة في البلاد، لتكسر بذلك حاجزاً استمر لأكثر من قرن هيمن فيه الرجال على أعلى المناصب السياسية.
وقد جاءت هذه الخطوة بعد فوزها برئاسة الحزب الحاكم وتحقيقها دعمًا واسعًا داخل البرلمان، ما جعلها رمزًا لفصل جديد في تاريخ اليابان السياسي، ما يعتبر محطة مهمة في مسار تطور المشاركة النسائية في الحياة العامة اليابانية، كما يعكس تحولات تدريجية في المجتمع والسياسة.
وحصلت تاكايشي على 237 صوتا من أصل 465 في التصويت الذي أجراه المجلس، ما مكنها من الفوز من الجولة الأولى. وجاء منافسها الرئيسي، يوشي هيرو نودا، زعيم الحزب الديمقراطي الدستوري، في المرتبة الثانية بـ149 صوتا.
وكان الحزب الديمقراطي الليبرالي، الذي لا يمتلك أغلبية برلمانية منفردة، قد أبرم تحالفا عشية التصويت مع الحزب المحافظ “جمعية تجديد اليابان”، وهو ما ضمن فوز تاكايشي، التي قالت خلال حملتها الأخيرة لمجموعة من طلاب المدارس: “هدفي هو أن أصبح السيدة الحديدية”، لأن مثلها السياسي رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر.
من تكون المرأة التي كسرت القاعدة؟
ولدت تاكايشي، البالغة 64 عاما، في 7 مارس 1961 بمقاطعة نارا الغربية، لوالد موظف مكتبي وأم كانت ضابطة شرطة.
لم تكن السياسة جزءًا من طفولتها، بل اتجهت في شبابها إلى عوالم مختلفة تمامًا: فقد كانت عازفة طبول في فرقة موسيقى “الميتال”، واشتهِرت بكسر عصي الطبل أثناء عزفها المكثف.
كما مارست الغوص كهواية احترافية، وكانت شغوفة بالسيارات، ولا تزال سيارتها المفضلة “تويوتا سوبرا” معروضة اليوم في أحد متاحف نارا.
بدأت مسيرتها الإعلامية كمقدّمة تلفزيونية، قبل أن تدخل عالم السياسة وتشغل مناصب وزارية رفيعة، منها: وزيرة للأمن الاقتصادي، ووزيرة دولة للتجارة والصناعة.
كانت أطول فترة خدمة لها كوزيرة للشؤون الداخلية والاتصالات، وهو منصب عُيّنت فيه عام 2014 من رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي، الذي تُعدّ من أبرز تلاميذه السياسيين.
تصنف كمحافظة متشددة، وتدعو إلى إعادة النظر في المادة التاسعة من الدستور الياباني، التي تنص على التخلي عن امتلاك قوات مسلحة وعن استخدام الحرب لحل النزاعات الدولية.
وتعتبر أن الوضع الأمني في المنطقة المحيطة باليابان “هو الأسوأ منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية”، وتدعم تعزيز القدرات الدفاعية للبلاد وتوطيد التحالف مع الولايات المتحدة.
كما تدعو إلى إنشاء هيئة استخباراتية يابانية على غرار وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، وتعهّدت بإحياء رؤية آبي الاقتصادية المعروفة بـ”آبينوميكس”، القائمة على الإنفاق العام المرتفع والسياسات النقدية التوسعية.
هي معارضة شرسة لزواج المثليين، وسبق أن عارضت تشريعًا يسمح للنساء المتزوجات بالاحتفاظ بأسمائهن العائلية، معتبرة أن ذلك يهدّد التقاليد الأسرية اليابانية، وفي المقابل، تدعم سياسات تراعي خصوصية المجتمع الياباني المُسنّ، مثل توسيع خدمات المستشفيات الخاصة بصحة المرأة، وتحسين خيارات الرعاية لكبار السن، ومنح العاملين في مجال الرعاية المنزلية اعترافًا أكبر بدورهم المجتمعي.
استلهمت شغفها السياسي في الثمانينيات، خلال ذروة التوتر التجاري بين الولايات المتحدة واليابان. وبهدف فهم النظرة الأمريكية لليابان، عملت في مكتب النائبة الديمقراطية باتريشيا شرودر، المعروفة بانتقاداتها الحادة لليابان.
لاحظت تاكايشي أن الأمريكيين كثيراً ما يخلطون بين اللغات والمأكولات اليابانية والصينية والكورية، ورأت كيف تُعامل اليابان كأنها كتلة واحدة مع الصين وكوريا الجنوبية.
واستخلصت من تجربتها قائلة: “ما لم تتمكن اليابان من الدفاع عن نفسها، فسيظل مصيرها دائماً تحت رحمة الرأي الأمريكي السطحي”.
تخضع تاكايشي لعقوبات روسية فرضت في 4 ماي 2022، حين كانت رئيسة للمجلس السياسي للحزب الديمقراطي الليبرالي، ردًّا على سياسات طوكيو تجاه موسكو.
ورغم طموحها وخطابها الحازم، لا يتوقع أن تُحدث تغييرًا جذريًّا في السياسة الخارجية أو الاقتصادية لليابان، بل ستعمل على تعميق المسار الذي رسمه سلفها آبي، مع تركيز متزايد على الأمن والاستقرار الإقليمي