
تامورت النعاج تعاني من ساستها
إن معاناة تامورت النعاج من ساستها ليست جديدة، غير أنني كنت أتجنب الحديث عنها، وأكتفي بالكتابة عن تهميش بلدية تامورت انعاج – Commune de Tamourt NAAJ وولاية تكانت، ظنًّا مني أن السبب الرئيسي هو غياب الاهتمام الرسمي.
لكن، وبعد استقرائي للأحداث المحلية عن كثب، ولقاءاتي مع الساكنة، واطلاعي على أحوال المنطقة، وتواصلي المتكرر مع جميع ساستها، ثم اطلاعي على حجم ونوعية المشاريع المنفذة في بلديات أخرى داخل تكانت وخارجها، أدركت أن السبب الجوهري وراء الغياب المشين لتامورت النعاج تتحمل مسؤوليته الكبرى النخب السياسية المنتخبة، الحالية والسابقة، دون استثناء – مع كامل تقديري واعتباري لهم من جهة الأخوّة والقرابة – غير أن تقصيرهم وتفريطهم في حق المنطقة وأهلها أمر لا يمكن السكوت عليه، ولا التغاضي عنه لمن أراد الخير لهذه الأرض وأبنائها.
ثم تتوالى المسؤوليات: فجميع النخب السياسية والثقافية، والتجار، والفاعلين المتوسطين، ومن دونهم، يتحملون جزءًا من هذا الغياب. يلي ذلك الجهات الرسمية، كلٌّ بحسب اختصاصه، إذ يفترض بالدولة أن تهتم بجميع مناطقها دون الحاجة إلى وساطات أو تحركات فردية من أبنائها، غير أن هذا لا يسقط المسؤولية عن أبناء المنطقة أنفسهم.
ولنأخذ أمثلة بسيطة على تفريط الساسة في مصالح منطقتهم:
- هذا العام هو عام المهرجانات، وتامورت النعاج تزخر بإرث ثقافي عريق، وتحتضن مدينة تاريخية، فضلًا عن مكانتها الاقتصادية المعتبرة بفضل ثرائها الزراعي والرعوي والصيد القاري، وكونها قبلة تجارية ونقطة التقاء بين مناطق عدة، إضافة إلى مناظرها السياحية، وكثافتها السكانية، وتنوعها الديموغرافي والجيولوجي والبيولوجي. ومع ذلك، تبقى هذه المؤهلات مهدورة، لأن “زيدًا” لا يريد لـ”عمرو” أن يستنشق الهواء، ويحاول حجب الشمس عنه، إن لم يستطع تقييده عن الخروج إليها! وهذا، للأسف، حال ساستنا جميعًا.
- لو كان التنافس بين السياسيين مقتصرًا عليهم لهان الأمر، لكنه امتد ليشمل إقصاء السكان، وإغلاق الطريق في وجه كل مصلح أو ساعٍ للخير، إلا إذا ذاب فيهم كما تذوب قطعة السكر في بحر الماء، فلا هي بقيت على حالها، ولا هو تأثر بها.
- بعض المنتخبين في تامورت النعاج يجعلون بينهم وبين الناس حجابًا من التباعد، يناقض روح الأخوّة، ويقضي على كل سعي نبيل للتعاون.
- مضى “عام التعليم” كما مضى “عام المهرجانات”، ولم تستفد البلدية منهما شيئًا.
- وحتى في هذا العام الذي وجّهت فيه الدولة جهودها نحو تحديث وتنفيذ حزمة من المشاريع التنموية، كان نصيب تامورت النعاج هو الأقل، والسبب راجع لما سلف ذكره.
تنبيه: إن مجيء مشروع لتامورت النعاج هذا العام يُعدّ نقطة إيجابية تستحق الذكر والشكر، إذا سلِم من الإقصاء والاحتكار الذي يطبع سلوك المنطقة ويسود بين أبنائها.
محمد يحيى سيد أحمد البكاي القصري