إنعاش العلاقة الزوجية « 2 »/الدكتورة أمينة الزغامي

الخلافات السطحية تخفي احتياجات عاطفية أعمق :

تعتبر الخلافات الزوجية نافذة على احتياجات عاطفية أعمق تحتاج إلى فهم واستجابة. بدلاً من التركيز على السطحيات، ينصح الخبراء بتحليل الأنماط المتكررة في النزاعات وتحديد المواقف بوضوح بعبارات محايدة، مثل “أنا أستمتع بالعشاء خارجاً بينما تفضلين التوفير لمشاريع كبيرة”. كما يؤكد دزيدزيتش أن كل خلاف يخفي حاجة عاطفية غير ملباة، كالشعور بعدم التقدير أو عدم الأولوية، لذا من الضروري التعبير عن هذه المشاعر بصراحة بدلاً من افتراض فهمها تلقائياً. عندما يدرك الزوجان هذه الجذور العاطفية، يصبح بمقدورهما تحويل الخلافات إلى فرص للتفاهم العميق وإيجاد حلول تلبي احتياجات الطرفين، مما يعزز التواصل ويقوي العلاقة بدلاً من إضعافها. المفتاح هو النزول إلى أعماق المشكلة بدلاً من التوقف عند مظاهرها السطحية.

تفعيل مبدأ التسامح بين الأزواج :

التسامح في العلاقة الزوجية أساسٌ لاستمرارها، فكل الناس يخطئون، وقد يصل غضب الزوجين إلى حد التفكير في الانفصال، لكن رابطة الزواج والأبوة (إن وُجدت) أقوى من أي خلاف، ولحظاتهما الجميلة تستحق المغفرة. الحياة الزوجية يجب أن تقوم على التسامح لا على تتبُّع الأخطاء، مع ضرورة أن يكون الطرف المسامَح مستحقًا لذلك دون استغلال.  

من الناحية الصحية، يحذر الخبراء من أن التمسك بالغضب والآلام القديمة يهدر الطاقة ويُولّد الكراهية، بينما يُقلل التسامح من التوتر ويخفض خطر الأمراض كالنوبات القلبية وارتفاع الضغط، وفقًا لدراسات جامعة جونز هوبكنز. لذا، يُنصح بالحوار لحل الخلافات بدل تحويل العلاقة إلى “ساحة حرب”، فالتسامح يُعزز الاستقرار النفسي والجسدي ويُحافظ على متانة الزواج.

لا حياة زوجية بدون منغصات   :

الخلافات الزوجية كما يقال ملح الحياة، فهي أمر طبيعي لا مفر منه في أي علاقة زوجية، حتى تلك التي تبدو سعيدة ومثالية. فالحياة بين شخصين لا يمكن أن تكون خالية من الاختلافات، إذ لا يوجد اثنان متطابقان في كل شيء. بل إن الخلافات “الجيدة” – كما يؤكد خبراء علم النفس في ألمانيا – يمكن أن تعزز الحب وتقوي الرابطة بين الزوجين، وتكون دليلاً على صحة العلاقة.  

ومع ذلك، فإن التحدي الحقيقي لا يكمن في تجنب الخلافات، بل في كيفية إدارة هذه الخلافات وإعادة التواصل بعدها. فكما يشير البروفيسور “أرنست هاربيرج“، كثير من الأزواج يفتقرون إلى المهارات الكافية لحل المشكلات، وغالبًا ما يعتمدون على ما شاهدوه من نماذج في طفولتهم. إذا نشأوا في بيئة تعاملت مع الخلافات بحكمة، فسيكونون أكثر قدرة على مواجهة التحديات الزوجية، وإلا فقد يصعب عليهم تجاوز الخلافات بسلام. لذا، فإن تقبل الخلافات كجزء طبيعي من الحياة الزوجية، وتعلم فن الحوار والمصالحة، هو مفتاح علاقة ناجحة ومستقرة.

تقبل الاختلافات :

يختلف الرجال والنساء في التعبير عن المشاعر، فبينما تبحث المرأة عن الحب عبر الكلمات، يعبّر الرجل عن حبه بالأفعال كما يوضح موقع “لايف هاك”. وهذا الاختلاف في طرق التعبير قد يسبب سوء الفهم إذا لم يُقدّر كل طرف أسلوب الآخر. كما أن اختلاف الشخصيات بين الزوجين – كالانطوائي والمنفتح – قد يؤدي إلى صراع عندما يحاول كل طرف فرض رؤيته. لكن وفقاً لخبراء “كاليفورنيا كاونسلينغ غروب”، يمكن تحويل هذا الاختلاف إلى قوة عبر التواصل الفعّال وتقبّل الطرف الآخر كما هو، حيث يكمل كل منهما الآخر مثل أرجوحة التوازن، فالتفاهم والتعاون هما سر العلاقة الزوجية الصحية بين الشخصيات المتباينة .

منع تراكم المشاعر السلبية :

جدولة حوارات زوجية لتصفية المشاعر السلبية بين فترة وأخرى خطوة بالغة الأهمية في منع تراكم المشاعر السلبية لدى الأزواج

يؤكد المعالج ميجان كاستون على أهمية التواصل الاستباقي في العلاقات الزوجية، محذراً من تراكم المشاعر السلبية الناتجة عن التوقعات غير المعلنة أو الاحتياجات غير المعبّر عنها. يقترح كاستون اعتماد “اجتماع عمل زوجي” دوري – وإن بدا غير رومانسي للوهلة الأولى – حيث يخصص الزوجان بضع ساعات بانتظام لمناقشة كافة القضايا العالقة، وتصفية المشاعر، ومواجهة مصادر الاستياء قبل تفاقمها. تمثل هذه الجلسات الحوارية المنتظمة آلية وقائية تحول دون تحول الخلافات البسيطة إلى أزمات عميقة، وتعزز الشفافية والتفاهم بين الشريكين.

الدكتورة أمينة الزغامي

مستشارة أسرية وتربوية

زر الذهاب إلى الأعلى