أدى سلوك المضاربين في السوق العالمي باقتناء كميات هائلة من السلع الغذائية وتخزينها خارج مسارات السوق انتظارا لفترة شح تمكنهم من تعظيم الربح إلى اضطراب في أسعار هذه المواد تباينت آثاره حسب السلعة والسوق فمثلا مادة السكر والتي بيعت خلال شهر نوفمبر الماضي بسعر 560 يورو للطن بالاتحاد الأوربي (سعر الخروج من المصنع) وصلت في فرنسا إلى 494 يورو للطن ولكنها وصلت في اسبانيا وايطاليا المجاورتين لفرنسا و تتزودان منها بهذه السلعة إلى 711 يورو للطن.
يراهن المضاربون على تعظيم منافعهم في الفترة القادمة قبل الحملة البرازيلية المنتظرة ابريل من العام المقبل.
ما حصل في سوق السكر حصلت أشباهه في سوق المواد الغذائية الأخرى وذلك بالرغم من تدني سعر البترول والذي بلغ اليوم 84 دولار للبرميل وهو مستوى ما قبل الحرب على أوكرانيا.
لقد تشابكت العوامل التالية لتفرز وضعا غير مطمئن:
– ارتفاع مذهل لأسعار المواد الغذائية،
– ارتفاع مذهل لأسعار الأسمدة والمدخلات الزراعية،
– ارتفاع مقلق وبوتيرة تصاعدية لسعر صرف الدولار أمام العملات الأخرى.
كل هذه العوامل تخلق آثارا متعددة الأوجه خصوصا للبلدان النامية كبلادنا وهي آثار نجملها في ما يلي :
– تدهور في القدرة الشرائية للمستهلكين
– غلاء في فاتورة التموين من السوق العالمي والمسددة بالعملة الصعبة
– استنزاف الاحتياطي من العملة الصعبة: (صحيح أننا كنا قبل شهر نملك احتياطات بقيمة 1,5 مليار دولار كفيلة بتغطية وارداتنا لمدة 160 يوما ولكن غلاء الأسعار بالسوق العالمي حين وصل مؤشره المركب لزيادة 15% يعني تلقائيا انخفاض فترة التغطية إلى 136 يوما)
– تعرض الأوقية لضغوط لن يكون ممكنا استمرار مواجهتها بالآليات الحالية.
لا حل بالنسبة لموريتانيا خارج التركيز على منظومة الإنتاج وخلق الثروة وتثمين الموجود منها.
علينا أيضا أن ننتبه إلى الاحتياطي من العملة الصعبة وأن نتأكد أن الواردات نحو موريتانيا لن تخرج عن السوق الموريتاني باستثناء واردات مالي عبر الميناء والتي تضبطها آليات جمركية محددة واستثنائية وهي محايدة بالنسبة لاحتياطاتنا من العملة الصعبة.
تتوقع دراسات عدة (نأمل أن تكون متشائمة) تخلف بلدان عديدة عن سداد أقساط ديونها الخارجية والتزاماتها السيادية خلال الربع الأول من العام المقبل ما يعني إفلاسها وبالتالي خضوعها إلى إملاءات مؤلمة.