من الربيع إلى القفص الحديدي!

وضعت مرحلة ما بعد الربيع العربي قوى التغيير والإصلاح أمام اختبارات قاسية. فذلك الحلم الكبير بالتحول الديمقراطي، الذي انطلق من تونس وبدا قريب التحقق، سرعان ما تراجع تحت وطأة إخفاقات داخلية وضغوط خارجية، ليتحوّل من وعد بالحرية والتعددية والمؤسسات المنتخبة إلى واقع مأزوم يمكن وصفه بـ«الخريف العربي».

خلال السنوات التي أعقبت الانتكاسة، شهدت المنطقة تحولات عميقة أكدت أفول موجة الربيع العربي، وانطفاء زخمها الشعبي، وتراجع القوى السياسية التي شكّلت لعقود محرك الاحتجاج والمعارضة والتوافق داخل المجتمعات. ومع تصاعد مسار الثورة المضادة، أصبحت البلدان التي عاشت تلك التجربة أمام أوضاع معقدة تهدد أمنها واستقرارها، وتفرض مراجعة جادة من مختلف الفاعلين.

في تونس، تبرز ظاهرة «الاحتباس الأيديولوجي» كأحد أخطر التحديات؛ حيث تعجز القوى السياسية عن تجاوز انقساماتها الفكرية، وتظل أسيرة قوالب حداثية أو دينية أو إصلاحية تبدو براقة في ظاهرها، لكنها تخفي في عمقها انسدادًا فكريًا وجمودًا سياسيًا يعيدان إنتاج الأزمة ويدوران بها في حلقة مفرغة.

المصدر:الجزيرة

زر الذهاب إلى الأعلى