
وكالة الرباط تنشر النص الكامل لخطاب رئيسة جهة نواكشوط، بمناسبة تدشين “نصب الأمة”

وكالة الرباط تنشر النص الكامل لخطاب رئيسة جهة نواكشوط، بمناسبة تدشين “نصب الأمة” الذي وضع فخامة رئيس الجمهورية حجره الأساس هذا المساء، إضافة إلى إطلاق أشغال تهيئة بحيرتي “تآزر” و”الترحيل”، في إطار برنامج عصرنة العاصمة وتعزيز تنميتها الحضرية:
“بسم اللّٰه الرحمن الرحيم
وصلى اللّٰه على نبيه الكريم
فخامة رئيس الجمهورية؛
معالي الوزير الأول؛
السيد رئيس الجمعية الوطنية؛
السيد رئيس المجلس الدستوري؛
السيد رئيس مؤسسة المعارضة الديمقراطية؛
أصحاب المعالي الوزراء؛
أصحاب السعادة السفراء؛
السادة القادة العسكريون والأمنيون؛
السيد والي نواكشوط الغربية؛
السيد حاكم مقاطعة لكصر؛
السيد عمدة بلدية لكصر؛
السادة والسيدات أعضاء المجلس الجهوي لمدينة نواكشوط؛ السيدات والسادة النواب الموقرون؛
السادة والسيدات المنتخبون؛
أيها المدعوون الكرام؛
أيها السادة والسيدات؛
السلام عليكم ورحمة اللّٰه وبركاته،
اسمحوا لي، فخامة الرئيس، أن أتقدم إليكم، ومن خلالكم لكافة الشعب الموريتاني، بأحر التهاني وأصدق التمنيات بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لعيد الاستقلال الوطني المجيد، راجية من اللّٰه أن يعيده علينا جميعا، قيادة وحكومة وشعبا، بمزيد من التقدم والازدهار والرخاء.
كما يشرفني، نيابة عن ساكنة مدينة نواكشوط ومجلسها الجهوي، أن أرحب بكم أحر الترحيب، في هذا الحدث البارز الذي تضعون فيه الحجر الأساس لمعلمة نُصب الأمة، وتطلقون معه أشغال تهيئة بحيرتي “الترحيل وتآزر”، بالرياض وتفرغ زينه، في لحظة تختزل معنى الوفاء للوطن، وتؤكد أن البناء، حين يدار بإرادة صادقة وكفاءة عالية واندفاع مستميت، يصبح عنوانا لنهضة شاملة وتنمية متوازنة.
صاحب الفخامة،
أيها السادة والسيدات،
إن حضوركم بيننا اليوم ليس مجرد حضور بروتوكولي، بل هو دليل صريح على المتابعة الدقيقة التي تولونها لمسار التنمية، وحِرْصَكم الدائم على تجسيد تعهداتكم في واقع معاش، يعيد الثقة للمواطن ويؤسس لعدالة عمرانية واجتماعية تَنْعكسُ على الحياة اليومية لسكان العاصمة.
وللتذكير فإن هذه المشاريع – التي تطلقونها اليوم – تندرج ضمن البرنامج الاستعجالي لتنمية نواكشوط وعصرنتها، وهو برنامج يعيد رسم ملامح المدينة على أسس تشاركية، ويردم الهوة الخِدْماتية بين أحياء العاصمة، ويقلص التفاوت الاجتماعي بين مختلف الطبقات، جاعلا من العدالة محورا للتنمية، ومن الإنصاف قاعدة للتعامل، ومن الاندماج ركيزة للانسجام، ومن اللحمة الاجتماعية سياجا حاميا للوحدة الوطنية.
صاحب الفخامة،
أيها السادة والسيدات،
إن نصب الأمة الذي تضعون اليوم حجره الأساس، يشكل حافظة للذاكرة المجتمعية المشتركة، ورمزا للموروث الثقافي والتاريخي لشعبنا العريق، فضلا عن صيانته لتراثه التليد، وتجسيد وحدته التي تشكل سر قوتهِ واستمراريةِ وتواصلِ عطائه، إنها معلمة تحمل دلالات الانتماء، وتستحضر أمجاد الماضي، وتفتح أبواب المستقبل أمام أجيال تَتَطلَّعُ لدور فاعل في نهضة الوطن.
وجدير بالإشارة أن كلفة النُّصُب تُناهز ثمانية مليارات أوقية قديمة، تتحمل الدولة نسبة 25% منها، بالإضافة إلى نفقات المكتب المكلف بالرقابة والمتابعة، في حين تتولى جهة نواكشوط النسبة المتبقية، وذلك عقب مناقصة دولية فاز بها تكتل شركات صينية ذات خبرة مشهودة في المجال.
وبخصوص تهيئة بحيرتي “الترحيل وتآزر”، التي قامت جهة نواكشوط، بدعم من التعاون الإسباني، بإعداد دراستها، فهي الأخرى خطوة موفقة تعيد للمدينة روحها، وتمنحها بعدا جماليا ومتنفسا بيئيا، وصمودا في وجه التحولات والتغيرات المناخية، فضلا عن إضفائها لمسة حضرية راقية على العاصمة، ستسهم في تعزيز
جاذبيتها للزوار، واستقطابها للمستثمرين. وللتوضيح، تتولى الدولة تمويل تهيئة البحيرتين، بينما تتكفل جهة نواكشوط، بتنفيذ الأشغال، بصفتها رب العمل المنتدب، بما يضمن انسيابية تنفيذ المشروع وتحقيق أهدافه التنموية.
وفي هذا السياق، أعرب المجلس الجهوي لمدينة نواكشوط عن اعتزازه بهذه المشاريع الواعدة التي ستترك بصمتها الإيجابية للأجيال القادمة، مؤكدا حرصه على أن تشكل هذه الجهود رافعة حقيقية للتنمية المستدامة في المدينة وتكملة للجهود المقام بها.
صاحب الفخامة،
أيها السادة والسيدات،
لقد تعهدتم، فأوفيتم، وقد جسد خطابكم التاريخي، خلال زيارتكم الأخيرة للحوض الشرقي، هذا الالتزام بأبهى صوره.
وها نحن اليوم نضع لبناتٍ مشاريع تعكس إلتزامكم بجعل نواكشوط واجهةً تليق بالبلد، مُشرَأَبَّةَ العنق للمستقبل، راسخةَ القدمين في عبقِ التاريخ وعَرَاقَتِه، تجمع بين الحداثة في البناء والعدالة في التوزيع.
وها نحن اليوم نحتفي ببداية مرحلة جديدة، عنوانُها الإنصاف، وروحُها المشاركة، وغايتُها المواطن، مرحلةٌ يُسْهِمُ فيها كلُّ فرد، ويجني ثمارها الجميعُ، في مدينة تعيش على وقعِ التنمية، ونبض الأمل وإيقاع التطور.
وفي الختام، فإننا في جهة نواكشوط لنؤكد – مرة أخرى – إلتزامنا الكامل بمواكبة جهود حكومة صاحب المعالي السيد المختار ولد أجاي، الساعية بجد وإخلاص إلى تجسيد تعهدات بناء موريتانيا جديدة؛ آمنة مزدهرة، متصالحة مع ذاتها، متطلعة إلى غد أفضل، متمسكة بماضيها الثقافي، متشبثة بتراثها وأصالتها وقيمها.
كما ستظل جهة نواكشوط وفيةً لهذا العهد، الذي قطعته على نفسها، تعمل على تذليل كلِ العقبات العَصِيّة، وقهرِ جميع الظروف مهما كانت إلتواءاتُها وتعقداتُها، وليِّ ذراع كل التحديات مهما كانت جسامتُها، مُتَحَمِلَةً الجزء الأكبر من عبء المسؤولية لتحقيق هذه الغاية النبيلة، فنحن لها وأهل لها، مستحضرين دائما قول المتنبي:
وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنِّي “إ” وَلَكِن تُؤْخَذُ الدُنيا غِلاَبَاَ صاحب الفخامة، بهذه الروح، وبهذا العزم، نمضي معكم في طريق البناء، حتى تكتمل الصورة التي رسمتموها للوطن ولشعبنا الأبي، نسير على درب رؤيتكم التنموية الشمولية
التي تحارب الاقصاءَ عبر الدمج، والتهميش عبر المشاركة، والغُبْنَ عبر الانصاف، ومكامنَ الهشاشة عبر تحبيك وتضييق عُقد النسيج الاجتماعي، وتعزيزَ الروابط بين مختلف مكونات أرض الرجال، أرض الشموخ، أرض المنارة والرباط، أرض العلماء والفقهاء، أرض الأصالة والإباء، موريتانيا التي (نَحْنُ فِدَاهَا وَنَحْمِي حِمَاهَا وَنُكْسُوا رُبَاهَا يلَوْنِ الْأمَلْ، وَعِنْدَ نِدَاهَا، وعِنْدَ نِدَاكُمْ، نُلَبي أَجَلْ، نلبي أجلْ» (لازمة النشيد الوطني بتصرف)
(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ )
صدق اللّٰه العظيم
عيدا سعيدا وكل عام وأنتم بخير
أشكركم والسلام عليكم ورحمة اللّٰه تعالى وبركاته”.