
موريتانيا ليست مكبا بشريا لكي تخضع للابتزاز الناعم الذي تمارسه أمريكا والغرب
بقلم: محمدالأمين لحبيب
بين تقارير وزارة الخارجية الأمريكية، وتصريحات “هيومن رايتس ووتش”، وتحركات بعض بعثات الاتحاد الأوروبي، تقف موريتانيا أمام حملة ضغط ناعمة لكنها ممنهجة، هدفها إغراق البلاد بالمهاجرين غير النظاميين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، وتحويلها إلى منطقة عازلة تحمي الضفة الشمالية للمتوسط، وتدفع الثمن عن أوروبا وأمريكا.
وفي كل موسم يدفع الغرب جهات “حقوقية” لنشر تقارير كاذبة ومغلوطة عن “التمييز”، و”الرق”، و”الانتهاكات ضد المهاجرين” وحتى فى بعض الأحيان ضد المواطنين، وتضخم الوقائع وتقصي السياق، لتبدو موريتانيا وكأنها بلد منفلت، بحاجة لرقابة خارجية أو تصحيح مسار.
ولكن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير، فالتقارير التى أصدرتها الخارجية الامريكية وتلك التى تهدد بها دول أوروبية الجانب الرسمى سريا وتقارير “هيومن رايتس وتش”والتصاريح التى تقدمها عصابات “ايرا” و”افلام” وبعض المنظمات المحلية المأجورة، ليست بريئة فهى جزء من مؤامرة خلاقة كبرى، و استراتيجية ابتزاز دبلوماسي منظم، تُمارس باسم “حقوق الإنسان”، والغاية منها تمرير أجندة توطين اللاجئين والمهاجرين في موريتانيا، مقابل بعض الدعم المالي والتقني، على طريقة “إما أن تحتضنوا هؤلاء أو تصنفوا كدولة منتهكة لحقوق الانسان”.
فموريتانيا ليست ضد حقون الإنسان ولا ضد الوافدين، لكنها دولة ذات سيادة وتخاف على مصالحها كما هو حال أوروبا والولايات المتحدة التى ترحل المهاجرين جهارا.
هذا إضافة الى ان موريتانيا لايمكنها تحمل العبء الديموغرافي والأمني والاقتصادي لمهاجرين بمئات الالاف، يتدفقون بلا وثائق، بلا رقابة، ويستوطنون أحياء هشة، في بلد عاجز عن تأمّين السكن والتعليم والخدمات لمواطنيه.
ولهذه الاسباب فإما أن تتحرك السلطة الرسمية لرفض هذا الضغط بشكل سيادي وشفاف وعلنى، وإشراك قادة الرأي والمجتمع المدنى، أو سوف نستفيق بعد سنوات قليلة على واقع ديموغرافي جديد وخطير، نتحول فيه من أصحاب الأرض إلى بدون جنسية نذبح فى الشوارع.
وعلى السلطة الرسمية ان تدرك جيدا أنه لا يحق لأي جهة خارجية أن تملي علينا كيف نعيش، ومع من ووفق أي توازنات.
ولن تجد السلطة الرسمية نفسها فى حرج أو خوف أو ضيق، إلا اذا أدارت ظهرها لشعبها وخضعت عكس إرادته لاملاءات خارجية.
كما أن عليها ان تدرك أننا بحاجة إلى قرار وطني سيادي وحازم يقول للغرب: كفى تلاعبا بمصير الشعوب وموريتانيا ليست حديقة خلفية لأحد، ولا نحتاج لدعمكم ولن نكون شرطي حدود لأي كان وتغلق حدودها أمام موجات الجراد الهادمة هذه.