
غزة تحت النار.. هل يبقى العالم صامتاً؟/تماد إسلم أيديه
أعلن الاحتلال الإسرائيلي بدء عملياته العسكرية الجديدة في قطاع غزة، في خطوةٍ تعيد إلى الواجهة مشهد الدمار والمعاناة الإنسانية الذي يلازم هذا القطاع المحاصر منذ سنوات،ومع كل إعلان مشابه، تتجدد المأساة: منازل تُهدم فوق رؤوس ساكنيها، شوارع تتحول إلى ركام، وأرضٌ مثقلة بجراحٍ لا تندمل.
انعكاسات مباشرة على السكان
السكان في غزة، الذين أنهكتهم الحروب المتكررة والحصار الطويل، يواجهون اليوم واقعاً أشد قسوة،الانقطاع المستمر للكهرباء والماء، نقص الأدوية والإمدادات الطبية، وتردي الخدمات الصحية يجعل من أي عملية عسكرية جديدة تهديداً مباشراً لحياة المدنيين، وخاصة الأطفال والنساء وكبار السن.
كما أن آلاف الأسر تجد نفسها في العراء بعد أن دُمرت منازلها، لتعيش حالة من النزوح الداخلي القاسي وسط ضيق المساحة وانعدام الملاجئ الآمنة.
ولعلّ المشهد الأكثر إيلاماً اليوم كان تدمير أحد الأبراج السكنية في غرب غزة بعد إنذار سكانه بوقت لا يتجاوز الساعة، لتتحول عشرات الشقق إلى ركام، تاركةً وراءها أسراً مشرّدة لا تملك سوى ما حملته على عجل. هذه الصورة تلخّص حجم المعاناة واللا أمان الذي يعيشه كل بيت غزيّ.
الأرض تدفع الثمن
الأرض في غزة ليست مجرد تراب، بل ذاكرة وصمود. ومع كل قصف، تُمحى أحياء كاملة، وتُقتلع أشجار الزيتون التي طالما كانت رمزاً للتجذر والتمسك بالهوية، البنية التحتية المتهالكة أصلاً تتعرض لمزيد من الانهيار، مما يضع مستقبل الأجيال القادمة على المحك. فالتعليم يتوقف، والمستشفيات تغدو عاجزة، والحياة المدنية تتوقف عند حدود صوت الطائرات والدخان المتصاعد.
صمت العالم.. شراكة في الجريمة؟
السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل سيبقى العالم صامتاً أمام هذا المشهد المأساوي؟ الصمت في مثل هذه الظروف ليس حياداً، بل هو انحيازٌ للعدوان وتواطؤٌ مع الظلم. فالمجتمع الدولي الذي يرفع شعارات حقوق الإنسان، مطالب أكثر من أي وقت مضى بترجمة تلك الشعارات إلى أفعال، عبر الضغط لوقف العمليات العسكرية وحماية المدنيين، والعمل على إنهاء الحصار المفروض على غزة.
ختاماً
غزة اليوم تقف في مواجهة نارية جديدة، لكنها ليست وحدها؛ فصوتها يصل إلى كل حرّ في هذا العالم،ما يحدث هناك ليس شأناً محلياً، بل قضية إنسانية بامتياز. ويبقى السؤال معلقاً: هل يستيقظ ضمير العالم قبل أن تتحول غزة إلى أطلال بلا حياة؟
إن استمرار الصمت الدولي ليس مجرد تقاعس، بل مشاركة ضمنية في إطالة المأساة، غزة اليوم تنادي، ليس فقط لوقف القصف، بل لتذكير العالم أن الإنسانية لا تتجزأ، وأن الكرامة لا تُقاس بالجغرافيا. قد تُهدم الأبراج وتُمحى الشوارع، لكن إرادة أهلها وصمودهم أقوى من ركام الحرب. والسؤال الأعمق الذي يواجه العالم: هل ستبقى غزة وحيدة في معركتها، أم أن الإنسانية ستنهض أخيراً لتقول كلمتها؟.