منعطف 2029/بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن

لاحظت اعتراض البعض على مناقشات رئاسيات 2029،معتبرا ذلك تشويشا على الإنجازات الراهنة،و يفهم من أسلوب الزميل تحيزه لوزيرنا الأول الراهن ولد انجاي،و طبعا تسرني أي جهود تبذل من أجل مصلحة الوطن،لكني الصحفي الجاد لا يسمح لنفسه أن يكون أسير لحظة حاضرة فحسب،و لا متجاهلا لمخاطر المستقبل المحتملة،دون أن يمنع ذلك طبعا أن تبذل الحكومة جهودها المعتبرة لإنعاش و تعزيز ايجابيات الحاضر المعيش، و تمهيدا للمستقبل المنظور ،و لا يوجد فى هذا وجه تعارض و لا تشويش البتة.

أما رئاسيات 2029 فمهمة من منظور ما حصل بعد رئاسيات 2019،حيث ظهر ملف العشرية و محاكماته،التى لم نخرج منها إلا قبل أسابيع قليلة،بعد سنوات ممتدة،يدعى البعض أنها كانت ضرورية لقمع الفساد و إيصال رسائل قوية ،مهددة لسدنة الفساد،بينما ادعى البعض أن تلك المحاكمات سيست و اقتصرت على فريق بعينه،إن لم تكن الضربة القصوى،وجهت أساسا للرئيس السابق فحسب،محمد ولد عبد العزيز،و هذه المحاكمات التى انطلقت يوما من الساحة الإعلامية و قبة البرلمان،لم أرحب بها يوما،ليس مباركة للفساد و لو تعلق بالرئيس،فى أي عهد،لكن موريتانيا يصعب فيها تحقيق الشروط الموضوعية للمحاكمات العادلة،و يصعب قطعا الفصل بين الطابع السياسي و القضائي القانوني الصرف،ثم إن مستوى الكيان الموريتاني و ضعفه يستدعى التحفظ من الكثير من الخوض الجريئ،فى مثل هذه الملفات باختصار،و وصل بي الأمر الكتابة فى هذا الصدد،و وصلت لمكتب جنرال نافذ يومها، و شرحت له هذا الرأي المتحفظ من محاكمة الرؤساء،لتصوري الجاد،بأن شروطها لم تنضج بعد،و قطعا لم تكذبني الأيام،و أخاف أن تتكرر تلك المحاكمات مع رؤساء آخرين،مما قد يجر لأزمات سياسية وجودية حادة،مهددة بعمق للاستقرار السياسي فى موريتانيا.

و من هذا المنطلق أتوقع بعد غياب الرئيس الحالي،محمد ولد غزوانى،أن يطالب البعض بمحاكمته هو نظامه،و قطعا مهما تكن نموذجية نمط تسييره للشأن العام،فقد يجدون ملفات مفبركة أو حقيقية،يتهمون من خلالها الرئيس غزوانى و كبار أعوانه،بتهم مغلظه،تفضى لقصة أخرى،و تلك بداية الدوامة،التى لا أحبذها،و مهما تكن ايجابياتها من حيث التفتيش و التمحيص،فالوطن قد يتأثر من متابعة الملفات المعقدة،و خصوصا حين يتابعها نظام آخر لا تربطه صداقة أو شفقة بالنظام المنصرف.

و من هذه الزاوية أود من حين لآخر نقاش المستقبل الانتخابي الرئاسي المرتقب سنة 2029،بإذن الله.

لست ممن يتوقع نجاح بيرام و لا غيره من المرشحين الصغار و لا المتوسطين،و لست من القائلين بنجاح المرشحين المحسوبين على النظام بسهولة،لكن الرئيس المنصرف بعد مأموريتين،سيكون له مرشحا محسوبا عليه،أولا من أجل مصلحة الوطن ،حسب ترويج أنصار هذا الطرح،ثانيا تفاديا للمحاكمات و المطارحات غير المستبعدة،على غرار ما حصل من قبل،و يمكن القول، ربما ليس من المعقول أن لا يكون للأغلبية السياسية المهيمنة مرشحها الرئاسي،لاستمرارية دورها الوطني و نفوذها السياسي المتوارث بطريقة ما.

و شخصيا لا أستبعد بروز مرشح غزوانى و نظامه أشهرا قليلة قبل موعد رئاسيات 2029.

فمن يختار الرئيس يومها،على الأقل للعبور الآمن،هل سيختار ولد حنن أم ولد احويرثى أم ولد مكت أو لد انجاي أو محمد ولد بلال؟!.

أظن أنه سيختار مرشحا مأمونا من حيث استبعاد انقلابه عليه و على كبار معاونيه،و مأتمن من حيث الكفاءة و القدرة على مواصلة المسيرة الوطنية و السياسية و التنموية،فى جو يضمن تواصل الاستقرار و جهود التنمية و التعايش الايجابي.

ولد حنن ينتمى لأسرة قوية و يتمتع بحضور قوي فى الجيش و ليس من السهل ترويضه و لا توقع مواقفه عندما يجلس على كرسي الحكم،و ولد احويرثى مأمون و مأتمن،و لكن سيمثل ترشيحه نمطا شبه مباشر من توريث الحكم.و قد يعززذلك معارضة اقتراع فى أوساط الشباب و غيرهم،أما محمد ولد مكت فهو مأمون و مأتمن و يتمتع بعلاقات اجتماعية و سياسية واسعة،و بعيد من الظلم و لن يعمل على الإقصاء و لا الظلم و لا التفريط فى الأمانة،و كذلك ولد انجاي،رغم أنه براكماتي و يفضل مصالحه الخاصة على كل الاعتبارات،لكنه كفاءة يصعب تجاهلها،أما ولد بلال فسبتم ترشيحه من زاوية أخرى لامتصاص الأصوات الشاردة و تزيين المشهد الانتخابي،محليا و دوليا.

و قد يكون للحالة المدنية و المانع القانوني،من حيث العمر(71سنة) تعويقا أمام بعض المرشحين المحتملين،إن لم يفرز الحوار موعدا مسبقا للانتخابات الرئاسية،لتسهيل ذلك أو للتمديد الضمني،أو ربما لتفرغ الرئيس الحالي لبعض المهام الخاصة،مثل العلاج.

و باختصار البلد بحاجة لتمهيد استباقي حازم للموعد الانتخابي الرئاسي المرتقب 2029 ، و النظر فى الزوايا و النقاط الحساسة المختلفة،لوضع الأصبع على مرشح مأمون و مأتمن،لترسيخ إيجابيات نظام صاحب الفخامة،محمد ولد الشيخ الغزوانى،و معالجة أخطاءه مستقبلا..

زر الذهاب إلى الأعلى