كيف يعيش الأسير الفلسطيني؟/تماد إسلم أيديه

يعيش الأسير الفلسطيني في ظروف صعبة وقاسية داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، تعكس حجم المعاناة التي يتحمّلها يومياً في سبيل قضيته وكرامته.

الأسر بالنسبة للفلسطيني ليس مجرد فقدان للحرية، بل هو شكل من أشكال النضال والمواجهة المستمرة مع الاحتلال، حتى وهو خلف القضبان.

ظروف الاعتقال

تبدأ المعاناة منذ لحظة الاعتقال، حيث يتعرض كثير من الأسرى، خاصة خلال المداهمات الليلية، للعنف الجسدي واللفظي، وأحياناً للإهانات أمام أفراد أسرهم.

وتشير تقارير حقوقية إلى أن أكثر من 80% من الأسرى يتعرضون لشكل من أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي خلال التحقيق. وغالباً ما تُمدد فترات التحقيق لأيام أو أسابيع، دون السماح للأسير بلقاء محامٍ، خاصة في حالات ما يُعرف بـ”الاعتقال الإداري”.

الحياة داخل السجون

داخل السجون، يعيش الأسرى في زنازين ضيقة ومكتظة، تفتقر إلى الشروط الصحية الأساسية.

عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية حتى بداية عام 2024 بلغ نحو 7000 أسير، من بينهم أكثر من 600 معتقل إداري (دون تهمة أو محاكمة)، وما يزيد عن 200 طفل، و60 أسيرة.

الطعام سيئ النوعية، وكثير من الأسرى يعتمدون على “الكنتينا”، حيث تُباع السلع بأسعار مرتفعة مقارنة بالخارج، ما يشكل عبئاً إضافياً على عائلاتهم.

يعاني أكثر من 700 أسير من أمراض مزمنة، من بينهم على الأقل 20 أسيراً يعانون من السرطان وأمراض خطيرة، دون توفر علاج مناسب أو متابعة طبية حقيقية.

الحرمان والعقوبات الجماعية

تلجأ إدارة السجون إلى سياسات عقابية جماعية، مثل العزل الانفرادي، الذي قد يستمر لأشهر أو حتى سنوات، ومنع الزيارات العائلية، خاصة لأسر الأسرى من قطاع غزة.

في عام 2023 وحده، رُصد أكثر من 300 حالة اقتحام لأقسام الأسرى من قِبل وحدات القمع الخاصة، أسفرت عن إصابات وتخريب لممتلكات الأسرى الشخصية.

دور الأسرة والمجتمع

تلعب عائلات الأسرى والمجتمع الفلسطيني دوراً محورياً في دعمهم، سواء من خلال تنظيم حملات تضامن، أو متابعة قضاياهم قانونياً وإعلامياً،وتقوم المؤسسات الحقوقية ومراكز الأسرى بتوثيق الانتهاكات، وقد وصل عدد حالات الاعتقال منذ عام 1967 إلى أكثر من مليون حالة، ما يعادل حوالي 20% من إجمالي عدد السكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

اقتباس

“الحرية لا تعني فقط كسر القيد، بل أن نحمل الحرية معنا حتى ونحن في الزنزانة، نعيشها ونؤمن بها ونزرعها في الأجيال القادمة.”

– الشهيد الأسير وليد دقة

معلومة تاريخية

منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي عام 1967، اعتقل أكثر من 1,000,000 فلسطيني، أي ما يقارب 1 من كل 5 فلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ما يجعل قضية الأسرى أحد أبرز وجوه المعاناة الوطنية الفلسطينية.

وأخيرا

الأسير الفلسطيني لا يعيش فقط في زنزانة، بل يعيش في معركة مستمرة مع الاحتلال، يحاول من خلالها الحفاظ على كرامته وحقوقه الأساسية.

وعلى الرغم من القيد، يبقى صوت الأسير الفلسطيني حاضراً في الضمير الوطني، يطالب بالحرية والعدالة، ويُجسّد روح النضال التي لا تُقهر.

فهو لا يمثل فقط نفسه، بل يمثل جيلًا كاملاً من المقاومين والمقهورين، الذين آمنوا بأن الحرية لا تُمنح بل تُنتزع، حتى وإن كلفهم ذلك أعمارهم خلف القضبان، يكتب الأسرى رسائلهم، يواصلون تعليمهم، يؤلفون كتباً، ويصنعون من السجن مدرسة ووعيًا جديدًا، إنهم يربّون الحلم، ويُبقون جذوة الكرامة مشتعلة في وجه القمع.

قضية الأسرى ليست قضية إنسانية فقط، بل قضية سياسية ووطنية بامتياز، تتطلب من الجميع، أفرادًا ومؤسسات، أن يواصلوا حملها والدفاع عنها في المحافل كافة.

فالأسير الفلسطيني، في صموده وصبره، يُجسد الروح الفلسطينية التي لا تنكسر، ويذكّر العالم بأن الحرية حق، وأن الاحتلال إلى زوال.

زر الذهاب إلى الأعلى