الوزير السابق ولد بلال يكتب عن مأمورية الشباب

الشباب ثم الشباب، الأولوية للشباب، حملة الشباب، الشباب أولا وأخيرا، إلخ،،كلمات كبيرة خرجت من أفواه الزعماء وترددت على ألسنة النشطاء والخطباء.

شعارات جميلة وأهداف نبيلة ينعقد عليه الإجماع الوطني بلا شك ولا ريب.غدا أو بعد غد – على بركة الله – تنطلق سفينة  مأمورية الشباب. وكلنا أمل وتفاؤل بنجاحها ووصولها بخير وسلامة إلى شاطئ “تمكين الشباب”.

“وَقَالَ ٱرْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْر۪ىٰهَا وَمُرْسَىٰهَآ ۚ إِنَّ رَبِّى لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ”.

قبل الإبحار دائما بتعيّن على القبطان اختيار الطاقم بجِد وحذر ومعرفة الركاب بدقة. وفي هذا الإطار،- ينبغي أن يكون الطاقم مجسدا لإرادة القبطان في العبور الآمن، ومبعثا للثقة في إمكانية التجديد والتقدم والقطيعة الفعلية مع الفساد وأهله.

لا بد من صفات تتماشى وخطابات الحملة الانتخابية من قبيل نظافة اليد والقبول لدى الرأي العام و”العزوبة”؛ هذا طبعا لمن أراد حرث الإصلاح وجلب هواء نقي جديد للآلة الحكومية.

و”العزوبة” هنا تعني الطلاق والانفصال عن أي طائفة أو حلف أو فصيل أو جماعة أو مبادرة. ومن أصعب  الأمور طلاق سلمى على قول الشاعر:إن السلامة من سلمى وجارتها ألاّ تمرّ بوادٍ حول واديها- ثم يأتي دور الركاب مكملا لعمل الطاقم.

لا بد للقبطان من معرفة الركاب معرفة دقيقة.

من هم  الشباب؟

وماذا يريدون؟

وماذا يقرأون؟

وبمَ يفكرون؟

وبِم يعبِّرون؟

وما مدى استعدادهم للمشاركة في التجديف وإنجاز الرحلة بمعروف؟ والسؤال الأهم:

أين هم؟

انظر حولك وسترى بلدا شابا، 54.4% من سكانه تحت سن 19 عامًا و63% منه تحت سن 24.

وستلقى شبابا نكدا يائسا ومحبطا في الواقع، نشِطا ومشاكسا وجسورا في العالم الافتراضي.

وستسمع له انتقادات لاذعة وغمزا ولعنا على كبار السن وتحميلهم مسؤولية كلّ مصائب الدنيا وكوارث الوطن.

وسترى مجتمعا منفصما يعيش ازدواجية مرضية فجة: رأسُه في العولمة وما تنقله من مسخ ثقافي وفقر فكري وقيمي ولهث وراء الماديات والملذات الحسية والكسب السريع، وقدمُه عالقة في وَحَل القرون الوسطى وما يعنيه ذلك من فساد وسلبية و تراتبية وطفَيلية وكسل ونبذ للحِرف والعمل اليدوي المنتج.

وفي مثل هذه الأوضاع، غالبا ما تتجه أنظار الركاب إلى الربان ليمطر عليهم وظائف وفوائد ومنافع شتى وهم جالسين، لا يحركون ساكنا .. وهذا خطأ قاتل، لا يمكن معه الوصول أبدا، بل أكثر من ذلك يعرض السفينة إلى الغرق بالجميع. لا بد للركاب من أداء واجبهم، وأقله حسن الظن بالقبطان وطاقمه والتشمير عن السواعد والانخراط إيجابيا في العمل ضمن الممكن والمتاح .

فإن مأمورية الشباب و”هيئة تمكين الشباب” وكل البرامج التي ستأتي بها الخمسية لن تجدي نفعا ما لم ينهض الشباب بنفسه وينزع ثوب اليأس ويواجه أيامه بإيجابية ومشاركة وحسن ظن.

لذلك، أقول إن الشرط الأول للوصول إلى شاطئ “التمكين” هو أن يستعيد الشباب روحه وحماسه وتفاؤله و”شُبوبِيًته”. أجل، يستعيد “شبوبيّته”!

نتطلع إلى رؤية شباب حگ حگ، أقحاح تعرفهم بسيماهم وصفاتهم المميزة. تقرأ في وجهوهم نضرة التفاؤل والإيجابية والمشاركة والصمود في وجه عواصف العَولمة التي “تجعل الولدان شيبا“.والله ولي التوفيق

زر الذهاب إلى الأعلى